تعديل

الخميس، 1 فبراير 2018

جون لوك والعقد الإجتماعي



جون لوك والعقد الإجتماعي :


أولاً/ حياته


ولد جون لوك في انجلترا عام 1632 في منطقة بالقرب من بريستول. كان أبوه محامياً خاض غمار الحرب الأهلية دفاعاً عن البرلمان ، فنشأ الابن على حب الحرية  وظل متعلقاً بها إلى آخر حياته دخل أول مرة في مدرسة (( وستمنستر )) ومكث بها ستة سنين تلقى اللغات ولما بلغ العشرين دخل أكسفورد وقضى بها ست سنين يتابع الدراسات المؤدية إلى الكهنوت.
لكنه لم يهتم بالفلسفة إلا حين قرأ ديكارت وجساندي. ودرس الطب ونشر رسالة في التشريح سنة 1688 وانتخب عضواً في الجمعية الملكية. اضطره النزاع بين حزب البرلمان وتشارل الأول إلى مغادرة إنجلترا فقدم إلى فرنسا مرتين 1672  ثم ذهب إلى هولندا سنة 1683 حتى نشوب ثورة 1688 عاد إلى وطنه في السنة التالية فعرض عليه الملك الجديد السفارة لدى براند ينورغ فطلب إعفائه بسبب حالته الصحية. ثم اعتزل الخدمة وفي هذا الشطر من حياته ساهم في جميع الحركات الفكرية التي كان يضطرب بها عصره وصنف بها كتبا هي))  رسالة إلى الاكليروس))  و ((خواطر في الجمهورية الرومانية((
و((في التسامح)) و((الحكومة المدنية)) و((خواطر في التربية)). وكانت شهرته قد ازدادت حتى عرفت أوربا كلها أنه ينصر الحرية.
كان لوك فيلسوفا وطبيباً ينتمي إلى عائلة طهرية (بيوريتانية) ذات منشأ متواضع.    

ثانيا ً: أراؤه في العقد الإجتماعي


ينطلق لوك من فكرة مفادها أن الإنسان يولد وعقله على الفطرة ثم تجيء خبرته فتصبح الفطرة مكونة بذلك مصدر معرفته أي أنه ينكر فطرية الأفكار في العقل الإنساني ومادام الناس يولدون بلا مورثات عقلية ، فهم سواسية لا يفرق بينهم إلا نوع تربيتهم.
يعتبر لوك أحد مؤسسي المذهب الحر الجديد. فيذهب إلى أن للإنسان حقوق مطلقة لا يخلقها المجتمع، وان حال الطبيعة تقوم علي الحرية،أي أن العلاقة الطبيعية بين الناس علاقة كائن بكائن حر تؤدي إلى المساواة. والعلاقة الطبيعية باقية بغض النظر عن العرف الاجتماعي، وهي تقيم بين الناس مجتمعاً طبيعياً سابقاً على المجتمع المدني وقانوناً طبيعياً سابقاً على القانون المدني.   
فيرى مثلاً أن الملكية الخاصة موجودة في حال الطبيعة، وانها سابقة للمجتمع المدني وهذه النظرية حول الملكية تحمل عند لوك مكانة كبيرة.
إن حق الملكية حق طبيعي يقوم على العمل ومقدار العمل لا على الحيازة أو القانون الوضعي وليس حق فيما يكسبه المرء بتعبه ومهارته ولا تصبح الحيازة حقاً إلا إذا استلزمت العمل. على أن حق الملكية خاضع لشرطين الأول :َ أن المالك لا يدع ملكيته تتلف أو تهلك ـ  والثاني : أن يدع للآخرين ما يكفيهم.
       يرى لوك  ان أكبر سعادة تقوم لا على التمتع بالملذات الكبرى بل على تملك الأشياء التي تعطي أكبر السعادات  وهو بهذا يعرف ((المتعة الرأسمالية)) على حد تعبير ((ليوستروس((ومن أجل ضمان الملكية يخرج الناس من الحالة الطبيعية ويكونون مجتمعاً مدنياً غايته الأساسية المحافظة على الملكية* ويقول ((لوك)) كل حكومة لا غاية لها غير الحفاظ على الملكية من خلال الإرادة والتشريع لا الحكم.
    إن القوانين والقضاة والشرطة هي التي يحتاج إليها الناس في حالة الطبيعة. وهذا ما تجلبه لهم الحكومة المدنية والحكم السياسي إذا هو نوع من الوديعة سلمه مالكون إلى مالكين. والحكام إداريون في خدمة الجماعة ومهمتهم تقوم على تأمين الراحة والإزهار.
    كما يري إن الحكومة الصالحة هي إحدى ذرائع العقد البشري لا يختص بها إقليم مقدس أو تورث بالتقاليد والعادات القويمة. إن الدولة قامت على أساس من عقد أو اتفاق واع بين الحاكم والمحكوم
في نظريته عن سلطة الدولة والقانون  يضع لوك فكرة الإنتقال من الحالة الطبيعية إلى الحالة المدنية والأشكال المختلفة للحكومة. وعنده إن الغرض من الدولة هو الحفاظ على الحرية والملكية اللتين تكتسبان عن طريق العمل. ومن ثم فإن الحكومة لا يجوز أن تكون تعسفية. وهذا يقسمها إلى : ( تشريعية وتنفيذية واتحادية ) . وقد كانت نظريته في الدولة محاولة لتكييف النظرية مع الشكل السياسي للحكومة اللذين اتخذتا في إنجلترا نتيجة الثورة البرجوازية.
إن لوك يرى الناس في حالة طبيعية ليسوا كلهم قادرين على أن يحملوا الجميع على إحترام حقوقهم الطبيعية ولايستطيع بمجهودهم الخاص حماية ما يعود إليهم أي حماية ملكيتهم لهذا إتفقوا في ما بينهم على إقامة حكومة تلزم الناس بالمحافظة على إحترام حقوق الجميع. وهكذا نشأت الحكومة بمقتضى عقد   مشروط  يفرض التزامات متقابلة. فينبغي على الشعب أن يكون عاقلاً مدركا.
فالمخلوقات العاقلة وحدها تستحق الحرية السياسية.
هذا العقد يفرض على الحكومة بعض الشروط والالتزامات.
فإذا ما خرجت حكومة ما عن أحكام العقد وهددت الحقوق الطبيعية فإنه يكون من حق المحكوم في هذه الحالة أن يعيد النظر في ما أقدم عليه من خلق هذه الحكومة وله عند الضرورة القصوى أن يثور عليها.
يرى لوك إن للمحكومين أن يثوروا إذا ما سلبت السلطة الحقوق الطبيعية وخصوصاً الحرية والملكية الفردية لكن استعمال حق المقاومة في نظره لا يهدف إلى تحقيق الأماني الشعبية بل إلى الدفاع عن النظام العام.
ونظرية لوك هنا مستمدة من مصادر محافظة.
والاعتراف بحق المقاومة حر ووسيلة لحمل الأخير على التفكير  بإبعاد خطر الثورة الشعبية ولاتشكل مطلقاً دعوة إلى العصيان.
إن السلطة السياسية تراضي مشترك وعقد إداري  ذلك لأن أعضاء المجتمع متساوون عقلاً وحرية بخلاف الحال في علاقة الآباء والأبناء . فأساس المجتمع الحرية  والغرض من العقد الإجتماعي صيانة الحقوق الطبيعية لا محوها لمصلحة الحاكم. فالسلطة المدنية قضائية في جوهرها. لذلك لم تكن السلطة المطلقة الغاشمة مشروعة وإنما هي محض استعباد. والملك المستعبد خائن للعهد  والشعب في حلّ من ذلك.
إن فكرة السياسي عند لوك فكر علماني  وهو يفصل بين الزمن والروح  ويرى إن الآراء الدينية تتمتع بحق مطلق وشامل بالسماحة.
الواقع أن لوك لم يكن ثورياً رغم كونه منظراً لثورة. وكان يحذر من السيادة الشعبية كما يحذر من الملكية المطلقة  وكان همه الرئيسي النظام والأمن.

اشخاص شاهدوا الموضوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 إليكم مقتطف من كتابنا الاول ( الاسم التجاري ــ مواعيد إجراءات المرافعات المدنية والتجارية ــ الاسم العلمي للكتاب : الحيز الزمني للعمل الاجر...