النظام العام والآداب ـ فكرة تثار دائماً لدي
القانونيين سواء فقه أو قضاء ، فكثيراً ما تقف القواعد و الإجرءات أمام
هذه الفكرة بحسبان ما إذا تعلق بها الإجراء من عدمه ، وهي ذات مفهوم مرن ولم يتم وقوف الفقه
والقضاء علي تعريف جامع مانع لها ، وسنحاول
أن نعرض لموقف الفقه في تحديد مفهوم وتعريف للنظام العام و الآداب وكذا موقف محكمتنا العليا .
موقف الفقه :
من خلال إستعراضنا للعديد من التعريفات التي إجتهد
الفقه في وضعها يمكننا أن نخلص إلي أن
النظام العام :
هو
مجموعة القواعد القانونية الملزمة للجميع والتي لا يجوز للأفراد مخالفتها
, فهي تتعلق بنظام المجتمع وكل ما
يخالفها هو باطل
أما الآداب :
فهي مجموعة
القواعد الخلقية المتعلقة
بالأخلاق والحشمة والمحاسن والمساوئ التي يقوم عليها المجتمع والتي يترتب علي
تخلفها إنحلال المجتمع وفساده .
موقف
محكمة النقض :
((
....... وإن خلا القانون المدني والقانون 463 لسنة 1955 من تحديد المقصود بالنظام
العام إلا أن المتفق عليه أن يشتمل القواعد التي ترمي إلي تحقيق المصلحة العامة
للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية والتي تتعلق بالوضع
الطبيعي المادي والمعنوي بمجتمع منظم وتعلو فيه علي مصالح الأفراد وتقوم فكرته علي
أساس مذهب علماني بحت يطبق مذهباً عاماً تدين به الجماعة بأسرها ولا يجب ربطه
البته بأحكام الشرائع الدينية وإن كام لا ينفي قيامه أحياناً علي سند مما يمت إلأي
العقيدة الدينية لسبب متي أصبحت العقيدة وثيقة الصلة بالنظام القانوني والإجتماعي
المستقر في ضمير الجماعة بحيث يتأذي الشعور العام عند عدم الإعتداد به مما مفاده
وجوب أن تنصرف هذه القواعد إلي المواطنين جميعاً من مسلمين وغير مسلمين بصرف النظر
عن دياناتهم فلا يمكن تبعيض فكرة النظام العام وجعل بعض قواعده مقصورة علي
المسيحيين وينفرد المسلمون ببعضها الآخر إذ لا يتصور أن يكون معيار النظام العام
شخصياً أو طائفياً وإنما يتسم تقريره بالموضوعية وما تدين به الجماعة في الأمور
بالرغم من إقرارها )).
إرتباط
فكرة النظام العام بالقواعد القانونية :
يرجع
إرتباط النظام العام والآداب لتقسيم القاواعد القانونية إلي قواعد آمرة وقواعد
مكملة .
فالقاعدة
الآمرة :
هي
تلك القواعد التي لا يجوز مخالفتها أو الإتفاق علي ما يخالفها
مثــــــــــــــــــــلاً :
مواعيد الطعن علي الأحكام لا يجوز مخالفتها أو الإتفاق
بين الخصوم علي ميعاد ينقص أو يزيد عما قرره القانون لإستقرار الأحكام والمراكز
القانونية حيث نصت المادة 215 مرافعات علي أن :
(( يترتب علي عدم مراعاة مواعيد الطعن في الأحكام سقوط
الحق في الطعن وتقضي المحكمة بالسقوط من تلقاء نفسها )) .
أما القاعدة المكملــة :
فيه تلك القواعد التي يجوز للأفراد الإتفاق علي ما
يخالفها .
مثــــلاً :
في العقود البنود المتعلقة بالثمن أو ميعاد التسليم أو
الإنتفاع من الثمار يجوز للأفراد الإتفاق
علي يرغبون .
الآثار المترتبة علي تعلق القاعدة القانونية بالنظام
العام :
: 1 ) :
البطـــــــــــــــلان
لقد قرر المشرع حماية خاصة للقواعد المتعلقة بالنظام
العام ، فرتب البطلان لكل إتفاق أو إجراء يخالف النظام العام و الآداب ، وجعل لكل
ذي مصلحة حق التمسك بالبطلان المترتب علي مخالقة النظام العام والآداب في أي مرحلة
من مراحل الدعوي حتي ولو لأول مرة أمام
محكمة النقض بشرط توافر عناصره أما م محكمة الموضوع ، بل رتب الحق للمحكمة أن تقضي بالبطلان ، من تلقاء
نفسها ولو لم يتمسك به الخصوم .
وقد قضت محكمتنا العليا في هذا الشأن إذ قررت :
(( لمحكمة النقض
من تلقاء نفسها ولكل من الخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام
العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متي توافرت
عناصر الفصل فيهات من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها علي محكمة الموضوع ووردت
هذه ألأسباب علي الجزء المطعون فيه من الحكم وليس علي جزء منه أو حكم سابق عليه لا
يشمله الطعن وإكتسب قوة الشئ المحكوم فيه )) .
" الطعن 327 لسنة 52 ق ـ جلسة 22/11/1987 "
((
القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة
سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلي وتعلو علي مصلحة
الأفراد فيجب علي جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها ولا يجوز لهم أن
يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتي ولو حققت هذه الإتفاقات لهم مصالح فردية باعتبار
أن المصلحة الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة وسواء ورد في القانون نص أو لم
يرد )). " الطعن 494 لسنة 55 ق ـ
جلسة 14/3/1991 ".
2 ) : إنطباق القاعدة بأثر فــوري ومباشر :
إذ تنطبق القاعدة القانونية المتعلقة بالنظام العام
والآداب بأثر فوري ومباشر .
وقد إستقرت
أحكام محكمتنا العليا علي :
(( تعلق النص القانوني بالنظام العام ـ أثره ـ إنطباق
حكمه بأثر فوري ـ إعمال الأثر الفوري للقانون مؤداه سريانه علي كل واقعة تعرض فور
نفاذه ولو كانت عن مركز قانوني سابق )) .
" الطعن 1227 لسنة 57 ق ـ جلسة 11/4/1994 ".
أرجو أن أكون قد وفقت في عرض فكرة النظام العام والآداب
بصورة مختصرة ومفيدة وبالطبع علي من يريد
الإستزادة العودة إلي المراجع الفقهية التي أصبحت متوافرة لأن هذا الموضوع من
الموضوعات الشيقة التي نالت قسطاً وافراً من أساتذتنا فقهاء القانون نفعنا الله بهم
...
والله ولي التوفيق ،،،،،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق