الدعــوي البوليصية
ماهيتها وتعريفها :
هي أحد وسائل المحافظة علي الضمان العام للدائنين ... وهي تواجه مسلك إيجابي من المدين في حال
إذا ما تصرف في أمواله بهدف إخراجها من الضمان العام لدائنيه ... وحماية للدائنيين
من هذا التصرف الضار بهم قرر لهم القانون الحق في رفع دعوي تهدف إلي طلب عدم نفاذ
التصرفات الصادرة من المدين في مواجهتهم
إشتهرت بالدعوي البوليصية .
وقد عالجها القانون المدني في المواد ( 237
حتي 243 ) منه .
شـروط الدعوي البوليصية :
منها ما يتعلق بالدائن
.. ومنها شروط تتعلق بالمدين
.. ومنا ما يتعلق بالتصرف المطعون فيه .
* أولاً : الشروط المتعلقة بالدائن :
ـــ أن يكون حق الدائن مستحق الأداء :
فلكي يستعمل الدائن الدعوي البوليصية يجب أن يكون حقه
خالياً من النزاع ومستحق الأداء ـ وهي في ذلك تختلف عن الدعوي المباشرة تلك
الأخيرة التي يكفي فيها أن يكون حق الدائن خالياً من النزاع ولا يشترط أن يكون
مستحق الأداء .
ويترتب علي ما سلف ..
أنه لا يستطيع إستعمال الدعوي البوليصية صاحب الحق المتنازع فيه ـ كذا
الدائن الذي يكون حقه معلقاً علي شرط واقف وكذا الحق المقترن بأجل واقف لأن الحق
فيهما وإن كان غير متنازع فيه إلا أنه غير مستحق الأداء .
أما إذا كان
الحق معلق علي شرط فاسخ أو مقترناً بأجل فاسخ يستطيع الدائن فيهما أن يستعمل
الدعوي المباشرة لأنهما لا يمنعان أن يكون الحق مستق الأداء .
كذا يمكن لصاحب الحق غير المقدر يستطيع استعمال تلك
الدعوي ما دام مستحق الأداء ـ فيمكن
للمضرور من العمل غير المشروع أن يطعن في تصرف مدينه المسئول عن العمل غير المشروع
بتلك الدعوي .
كذا لا يشترط أن يكون حق الدائن ثابت بسند تنفيذي .
كذا لا فرق بين طبيعة الحق فيجوز أن يكون الحق نقدي أو
عيني أو عمل أو إمتناع عن عمل .
كذا لا فرق بين مصادر الحق فقد يكون مصدر الحق تصرفاً
قانونياً أو واقعة مادية .
وفي الأخير ..
يشترط أن يكون حق الدائن سابق علي التصرف المطعون فيه .
ثانياً : الشروط التي ترجع إلي التصرف المطعون فيه :
شروط ثلاث : 1 ـ
أن يكون التصرف قانونياً , 2 ـ أن يكون التصرف مفقراً . 3 ـ أن
يكون تصرف المدين تالياً لحق الدائن .
نتناولها
بالتعليق فيما يلي :
1 ) : أن يكون التصرف الصادر من المدين تصرفاً قانونياً :
فالعمل المادي الصادر من المدين لا سبيل إلي الطعن عليه
،، مثلاً
،، كما لو أتي المدين عملاً غير
مشروع رتب ضرراً بالغير ، فالتزم بالتعويض مما أدي إلي إعساره فلا يجوز للدائن
الطعن علي هذا العمل لأنه عمل مادي .
فيجب أن يكون التصرف الصادر من المدين تصرف قانوني ومن ثم يصبح للطعن عليه بالدعوي البوليصية مع
توافر الشروط الأخري .. يستوي أن يكون
التصرف صادر من جاني واحد ،، مثلاُ ( ترتيب حق إرتفاق ) ـ أو صادراً من جانبين تبرع أو معاوضة كما في الهبة والبيع.
2 ) : أن يكون تصرف المدين مفقراً :
فيجب أن يكون التصرف القانوني الصادر من المدين تصرفاً
ينقص من حقوقه أو يزيد من إلتزاماته
،، مثال الحالة الأولي
،، ( أن يهب عيناً مملوكة له أو يبرئ من له في
ذمته )
.
مثال الحالة الثانية ،، أن يقترض المدين حتي يزيد في إلتزاماته يضر بدائنيه .
3 ) : أن يكون تصرف المدين تالياً لحق الدائن :
ويري الفقهاء أن هذا الشرط يرتبط بشرط غش المدين .. فمن
الطبيعي أن يكون التصرف تالياً لحق الدائن ،، لأنه إذا التصرف سابقاً علي حق
الدائن فلا يتصور الغش في جانب المدين .
وهنا نجد أن
العبرة بتاريخ وجود حق الدائن لا بتاريخ إستحقاقه وبتاريخ صدور التصرف المفقر لا بتاريخ شهره إن كان من التصرفات الواجبة
الشهر .
أما عن عبء إثبات التواريخ المشار إليها سلفاً فتعود بنا
إلي القواعد العامة في الإثبات ، فالدائن يتحمل بعبء أن حقه سابق علي تصرف المدين
ـ فالدائن الطاعن مكلف طبقاً للقواعد العامة باثبات دعواه .
ثالثاً : الشروط المتعلقة بالمديـن :
شــرطــان هما
: 1 ـ الإعسـار . 2 ـ الغش والتواطؤ .
1 ) الإعســــــــــــــــــــــار :
فيشترط لإقامة الدعوي البوليصية أن يكون المدين معسراً
لا توجد لديه أموال تكفي دائنيه .
والمقصود
بالإعسار في هذه الدعـوي هو الإعسار الواقعي بأن تزيــد ديون المدين علي حقوقه ـ
لا الإعسار القانوني بصدور حكم بإشهار إفلاسه .
ويقع عبء إثبات إعسار المدين علي الدائن الطاعن .
2 ) : الغـــــش والتواطــــــــــــــــــــــؤ :
عمـاد الدعـوي البوليصية شـــرط الغـش
.. فالغش لا يتوافر في حق المدين إلا إذا كان تصرفه مفقراً مؤدياً إلي
إعســاره ضاراً بدائن حقه ثابت قبل التصرف .
فإذا كان التصرف معاوضة ـ
يشترط لعدم نفاذه أن يكون منطوياً علي غش المدين و أن
الصادر له التصرف علي علم بهذا الغش ،
ويكفي في هذا الشأن أن يثبت الدائن أن المدين علي علم باعساره وأن من صدر له
التصرف عالماً بذلك أيضاً .
أما إذ كان التصرف تبرعاً فلا يلز/ أن يثبت الدائن غش
المدين بل يكفي أن يثبت أن التبرع سبب إعسار المدين .
* تقــادم الدعــوي البوليصــــــــية :
تنص المادة 243 مدني علي أن :
" تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من
اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء
خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه " .
فمدة الثلاث سنوات التي قررتها المادة المذكورة تبدأ لا من تاريخ علم الدائن بالتصرف فحسب بل يعلم أيضاً بإعسار مدينه وبالغش الواقع منه .
وفي كل الأحوال يسقط الحق في
الدعـوي بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ التصرف .
* آثـــــــــــــــــــــار الدعـــــوي البوليصيـة :
تختلف الآثار المترتبة علي الدعوي البوليصية بالنسبة
للدائن عنها بالنسبة للمدين عنها بالنسبة
للمتصرف إليه علي نحو نتناوله فيما يلي :
اولاً : آثــار الدعــوي البوليصية بالنسبة إلي الدائـن :
متي توافرت شروط الدعـوي البوليصية ـ تعين القضاء بعدم نفاذ تصرف المدين في حق
الدائن ، ومن ثم لا يخرج الحق الذي تصرف
فيه المدين من الضمان العام للدائن ويستطيع الأخير التنفيذ عليه .
وقد ذهب رأي بعض الفقهاء إلي أن كل الدائنين يستفيدون من
الدعـوي البوليصية حتي من لم يشترك فيها وذهب رأي آخر إلي أن كل الدائنين يستفيدون
من الدعوي البوليصية حتي من لم يشترك فيها بشرط أن يكون حقه سابق علي التصرف
المطعون فيه .
ولكن تبني التقنين المدني في نص المادة 240 منه مفاده
قيام أحد الدانئين بإقامة الدعوي البوليصية لتوافر شروطها في حقه وأجاز لكل من
تتوافر فيه شروطها أن يتدخل فيها ،
فيستفيد من الحكم ـ بل لكل من لم يتدخل فيها مع توافر شروطها فيه أن يتدخل في
إجراءات التنفيذ .
ثانياً : آثــار الدعــوي البوليصية بالنسبة إلي المدين ومن تصرف إليه :
الدعـوي البوليصية هي دعوي يقيمها الدائن بهدف عدم نفاذ
التصرف الصادر من مدينه ، ومن ثم فالدائن يقيمها علي المتصرف والمتصرف إليه وخلف
الأخير الخاص .
يترتب علي ما سلف ذكره أنها ليست دعوي ببطلان التصرف
وإنما عدم نفاذه في حق الدائن ـ أي يبقي التصرف قائماً فيما بين المتعاقدين (
المدين والمتصرف إليه ) بل ينصرف إلي الخلف العام والخاص ،،،،، بمعني لو كان
التصرف بيعاً بقي الشئ علي ملك المشتري وأنتج البيع كافة آثاره فيما بينهما ، فإذا
نفذ الدائن علي العين المطعون عليه وبقي من ثمنها شئ كان ملكاً للمشتري لا البائع
المدين .
وفي الأخير ألقينا ببعض الظلال علي الدعـوي البوليصية
باعتبارها أحد الوسائل للمحافظة علي الضمان العام للدائنين ... وهي من الدعاوي
التي بها العديد من الإجراءات التي تتطلب إلمام بها حتي يسهل إثباتها و إثبات
توافر شروطها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق