تعديل

الخميس، 16 مارس 2017

الحبس الاحتياطي

الحبس الاحتياطي 

ماهية الحبس الاحتياطي وتعريفة :

لم يضع المشرع المصري  تعريفا محددا للحبس الاحتياطي وانما اكتفى بإيراد قواعد تعالج موضوع الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية ، إلا أن الفقه تناول الحبس الإحتياطي فتعددت التعريفات قد تبنى الأستاذ الدكتور نجيب حسنى تعريفا للحبس الاحتياطي  حيث قرر بأنه " سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط قررها القانون "
وكان للدكتور المرصفاوى تعريفاً آخر  فقرر بأنه " إجراء من إجراءات التحقيق الجنائي يصدر عمن منحة المشرع هذا الحق ويتضمن أمرا لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به ويبقى محبوسا مدة قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل دعوى حتى ينتهي أما بالإفراج عن المتهم أثناء التحقيق الابتدائي أو أثناء المحاكمة واما بصدور حكم في الدعوى ببراءة المتهم أو بالعقوبة وبدء تنفيذها علية "
في حين كان  للأستاذ / معوض عبد التواب   رأي بأن  :  "   الحبس الاحتياطي بهذا المعنى ليس إجراء من إجراءات التحقيق لانه لا يستهدف البحث عن دليل وانما هو بالأدق – من أوامر التحقيق التي تستهدف تامين الأدلة " سواء من العبث بها أو طمسها إذا بقى المتهم حرا أو سواء تجنبا لتأثيره على شهود الواقعة وعدا أو وعيدا ، أو ضمانا لعدم هروبه من تنفيذ الحكم الذي سيصدر علية بالنظر إلى كفاية الأدلة ضده "
 وقد تناولت التعليمات العامة للنيابات فى المادة رقم 381  فعرفته بأنه :  " الحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك ، والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني علية ، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة "

مبررات الحبس الاحتياطي  :

موقف الفقـــه :

يري الراجح من  الفقه المصري أن مبررات الحبس الإحتياطي تجد وظائفها في ثلاث نقاط :
1)   الحبس الاحتياطي كأجراء يضمن تنفيذ العقوبة :
أي أنه ضمانة لتنفيذ العقوبة ـ أي أنه وسيلة تضمن التحفظ على المتهم تحت أيدي سلطات التحقيق حتى يصدر حكم بالإدانة فتنفذ العقوبة أو يقضى بالبراءة فيخلى سبيله  .
2 ) الحبس الاحتياطي كإجراء من إجراءات الأمن :
حيث يهدف إلى حماية المجتمع من عودة المتهم إلى ارتكاب جرائم أخرى ، ويحمى المتهم من محاولات انتقام أهل المجني علية .
3 )  الحبس الاحتياطي بوصفة وسيلة من وسائل التحقيق :
 حيث يحقق العديد من الأغراض التي تعد في صالح التحقيق منها بقاء المتهم في متناول سلطة التحقيق .
المحافظة على أدلة الجريمة من محاولة المتهم إخفائها أو طمسها ، إذا أطلق صراحة
منع التواطؤ بالحيلولة بين اتصال المتهم بباقي شركائه في ارتكاب الجريمة ، بل يمنعه من تجهيز شهود نفى مزيفين ، أو من تهديد شهود الإثبات .

موقف المشرع المصري :

نستطيع إستقراء موقف المشرع المصري فنجده يري إجمالاً أن ينظر إلي الحبس الإحتياطي  بوصفة إجراء من إجراءات التحقيق ، وبوصفة تدبيرا احترازيا في الوقت نفسه .
 فبوصفة إجراء من إجراءات التحقيق :  يري أنه  الوسيلة الوحيدة للمحافظة على الأدلة والقرائن العادية وللحيلولة دون ممارسة المتهم ضغطا على الشهود آو اتصالا سريا بغيرة من المتهمين وهو ما يستفاد من نص المادة 143/1 من قانون الإجراءات المصري فعلى الرغم من خلو القانون المصري من تحديد مبررات الحبس الاحتياطي فانه نص في هذه المادة على ما يفيد أن مد الحبس الاحتياطي يكون لمصلحة التحقيق ، وهو ذات الأمر الذي عبرت عنه المادة  54 من دستور مصر 2014  (( ......... لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق ............ )) .
إما بوصفة تدبيرا احترازيا يستهدف منع التأثير الضار للخطورة الإجرامية التي كشف عنها اقتراف المتهم لجريمته ..........

القواعد العامة للحبس الاحتياطي في القانون المصري :

نطـــاقـــــــه  :

يستفاد من نص المادة  (  134 )  من قانون الإجراءات الجنائية  أن مجاله ينحصر – بحسب الأصل في الجنايات والجنح المعاقب عليه بالحبس مدة تزيد عن ثلاثة شهور والعبرة هنا بالعقوبة التي يقررها القانون للجريمة ومن ثم يتم استبعاد المخالفات والجنح المعاقب علية بالغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته عن ثلاثة شهور من نطاق الحبس الاحتياطي.
وقد أورد المشرع على هذا الأصل استثئنائين أحدهما موسعا من مجاله والأخر مضيقا له :
 فمن حيث التوسيع : أجاز المشرع الحبس الاحتياطي في الجنح المعاقب عليه بالحبس، مهما قلت مده إذا لم يكن للمتهم محالة إقامة ثابت معروف في مصر.
ومن حيث التضييق : حذر المشرع حبس الحدث الذي لا يتجاوز عمره خمسه عشر سنة حبسا احتياطياً ( م26 من قانون رقم 31 سنة 74 بشأن الأحداث )
كما حذره في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ( 135 . أ .ج ) ألا إذا كانت من الجرائم المنصوص عليه في المواد 173 ، 179 ، 180/2 من قانون العقوبات أو كانت تتضمن طعن في الأعراض أو تحريضا على فساد الأخلاق .

شروط الحبس الاحتياطي :

1)  توافر دلائل كافية على ارتكاب المتهم للجريمة أو اشتراكه فيها :
  أي يتطلب توافر أدلة كافية لإثبات توافر جميع أركان الجريمة سوء الركن المادي أو المعنوي بجميع عناصرهما ثم عليها أن تستخلص من هذه الدلائل ملائمة الحبس .
وتحديد مدى الكفاية والملائمة أمور تقديرية متروكة للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع التي لها آن تعتبر الحبس باطلا لانتفاء دلائل الاتهام وعدم كفايتها وتستبعد - من ثم - كل دليل مستمد منة وتأمر بالإفراج عن المتهم المحبوس فورا .
2)  أن  يسبق الأمر به استجواب المتهم إلا إذا كان هاربا :
وعلة ذلك .. مادام أمر الحبس تقديريا للمحقق فيتعين علية تجميع عناصر تقدير ملائمة هذا الأمر مما يستلزم الاستماع إلى المتهم  فيكون اكثر قدرة على تقدير مدى كفاية الأدلة وأيضا مدى ملائمة الحبس الاحتياطي  ـ إلا أنه في  حالة هرب المتهم يستحيل الحبس الإحتياطي
3 )  أن تسمع أقوال النيابة إذا كان قاضي التحقيق هو الأمر بالحبس :
وعلة ذلك اكتمال كافة جوانب الموقف : من زاوية المتهم ( الشرط السابق) ومن زاوية النيابة ( بوصفها جهة اتهام ) فيكون المحقق أكثر قدرة علي تقدير مدي كافية الأدلة . ومدي ملائمة الحبس الاحتياطي بداهة لا محل لهذا الشرط إذا كانت النيابة العامة هي التي تتوالى التحقيق .

مدة الحبس الاحتياطي :

 تختلف تبعا لا اختلاف الجهة المصدرة للأمر كما يلي :

1 ) مدة الحبس الاحتياطي بقرار صادر  من النيابة العامة :

وفقا للمادة 201  إجراءات  لا يكون نافذ المفعول إلا لمدة الأربعة أيام التالية للقبض على المتهم أو تسليمه للنيابة العامة إذا كان مقبوض علي المتهم إذا كان مقبوض عليه من قبل .  أي تحسب من تاريخ القبض على المتهم إذا كان  النيابة  التي أمرت بالقبض عليه كرئيس للضبط القضائي ( م 35 ، 36 إجراءات  ) أو من تاريخ تسليمه للنيابة إذا كان مقبوضا عليه بقرار من مأمور الضبط في حالة التلبس ( م24 إجراءات  أو بأمر صادر من سلطة التحقيق بضبطه وإحضاره ( م 126 ،  إجراءات  127) أو بأمرها بالقبض عليه ( م 130 إجراءات  (
والمادة تميز بين الواقعة التي ننسب إليها بدء تاريخ الحبس الاحتياطي ( من تاريخ القبض عليه ، أو من تاريخ التسليم ) وتجد هذه التفرقة أساسها في مثول المتهم أمام النيابة – في حالة القبض عليه بناء على أمر النيابة بوصفها رئيسا للضبط القضائي – لا يتراخي عن القبض .
أما إذا كان مقبوضاً عليه من قبل (بقرار من مأمور الضبط في أحوال التلبس وبناء على أمر سلطة التحقيق بضبطه وإحضاره أو بالقبض عليه ) فلسلطة التي قامت بالقبض أن تعرض على سلطة التحقيق في خلال 24ساعة ولسلطة التحقيق أن تستجوبه خلال 24 ساعة أخري ( م  31إجراءات  ) فينسب بدء حبس المتهم إلى وقت تسليمه للنيابة وليس إلى وقت استجوابه حتى لا يتحمل عبء تأخير استجوابه بلا موجب .


2) مدته عند صدور الأمر من قاضي التحقيق :

وفقا للمادة 142/ 1 إجراءات  يكون قراره بحبس المتهم احتياطيا نافذا لمدة خمسة عشر يوما وله بعد سماع النيابة والمتهم أن يصدر أمر بمد الحبس مدة أو مددا أخرى لا يزيد مجموعها على خمسة و اربعين يوما

3 ) سلطة القاضي الجزئي :

وفقا لنص م 202 / إ . ج له أن يصدر آمرة – بناء على طلب النيابة بمد الحبس الاحتياطي لمدة متعاقبة بحيث لا يزيد مجموعها عن خمسة وأربعين يوما وبديهي على النيابة تقديم طلبها أثناء سريان مدة الحبس الاحتياطي الصادر منها ( أي قبل انقضاء مدة الأربعة أيام )

4 ) محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة :

خولها القانون سلطة مد المدة في الأحوال آلاتية :
أ – عند استنفاد المدد التي يملكها القاضي الجزئي ورأت النيابة مد الحبس الاحتياطي لأكثر من ذلك فعليها – قبل انقضاء تلك المدة – عرض الأوراق علي محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة لتصدر أمرها – بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم – بمد الحبس مددا متعاقبة لا يزيد كل منها على خمسة وأربعين يوما إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ( م 203 ، 143 / 1 إجراءات )
ب- عندما تستنفذ المدد التي يملكها قاضي التحقيق فعليه قبل انقضائها – أن رأي مد الحبس الاحتياطي – أن يحيل الأوراق على محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة لتصدر أمرها – بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم – بمد الحبس مددا متعاقبة لا يزيد كل منها على خمسة وأربعين يوما ( م 143 / 1 إجراءات
جـ- في حالة إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات وفي غير دور الانعقاد تكون هي المختصة بمد مدة الحبس الاحتياطي المقترن بالإحالة كما تكون المختصة كذلك في حالة الحكم بعدم الاختصاص إلى ان ترفع الدعوى إلى المحكمة المختصة ونرى عدم وجود قيد زمني عليها (م151/ 2/3 إجراءات ) 

5 ) المحكمة المختصة بنظر الدعوى :

عند خروج القضية من حوزة المحقق – بإحالة المتهم إلى المحكمة الموضوع المختصة بنظر الدعوى – تكون تلك المحكمة هي المختصة بالفصل في أمر الحبس الاحتياطي بدون قيد زمني عليها ( م 151/1 إجراءات )

  • بطلان الحبس الإحتياطي إذا زاد عن ( 6 أشهر ) في مواد الجنح  :

وفقاً لنص المادة 143/4 إجراءات لا يجوز في مواد الجنح أن  تزيد مدة الحبس الإحتياطي عن ستة أشهر  ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته للمحكمة المختصة قبل إنتهاء  هذه المدة .
ومن ثم يبطل الحبس الإحتياطي في مواد الجنح إذا زاد عن 6 أشهر دون إحالته للمحاكمة ويتعين علي المحكمة إخلاء سبيل المتهم فوراً  .

  • مدة الحبس الإحتياطي في الجنايات :

يجوز أن تزيد مدة الحبس الإحتياطي في الجنايات علي ستة أشهر بشرط الحصول  قبل إنقضاء المدة المذكورة من المحكمة المختصة بنظر الجنايات علي أمر بمد الحبس مدة لا تزيد عن 45 يوماً قابلة للتجديد مدة أو مدد مماثلة ـ  وإلا وجب الإفراج عن المتهم .
وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الإحتياطى فى مرحلة تحقيق الإبتدائى وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للجريمة , وبحيث لا يتجاوز ستة أشهر فى الجنح وثمانية عشر شهراً فى الجنايات وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام "م 143 إجراءات .

مازال الحبس الإحتياطي مجالاً خصباً  فلم نحط به كاملاً ...  يتسع للعديد من المقالات نحن بصددها بمشيئة الله .... والله الموفق .
اشخاص شاهدوا الموضوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 إليكم مقتطف من كتابنا الاول ( الاسم التجاري ــ مواعيد إجراءات المرافعات المدنية والتجارية ــ الاسم العلمي للكتاب : الحيز الزمني للعمل الاجر...